الخليج - نادية سلطان /
في إنجاز نوعي جديد يضاف إلى سجل الإنجازات المشرفة لأجهزة الأمن الإماراتية ويبرهن على مدى يقظة القائمين على قطاع الأمن في دبي، احبطت الإدارة العامة لأمن الدولة بالقيادة العامة لشرطة دبي، أمس، محاولة تهريب شحنة من الأسلحة بلغ قوامها 16 ألف قطعة من نوعيات مختلفة للمسدسات تقدر قيمتها، وفقاً للفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي، نحو 16 مليون درهم، كانت في طريقها إلى مدينة صعدة بالجمهورية اليمنية، قادمة من تركيا مروراً بجمهورية مصر العربية إلى ميناء جبل علي بدبي، واطلقت عليها قضية “المصباح” .
وكشف الفريق ضاحي خلفان تميم أن جهاز الأمن تمكن من إلقاء القبض على خمسة أشخاص من الجنسية العربية وشخص تركي، ثبت تورطهم في عمليات تخليص شحنة الأسلحة ومحاولة تهريبها إلى صاحبها في اليمن ويدعى “حميد”، ولفت إلى أنه تم اجراء اتصالات مع السلطات المختصة في كل من تركيا ومصر واليمن من أجل إلقاء القبض على باقي المتورطين في تلك الشحنة المشتبه فيها، التي تبين أنها أسلحة مقلدة لماركات معروفة .
أكد الفريق تميم أن الشحنة المضبوطة تشكل أكبر محاولة تهريب لأسلحة شهدتها المنطقة، مشيراً إلى ضخامة حجم الشحنة، وهي عبارة عن مسدسات ذات عيارات مختلفة تمكن الضالعون في الجريمة من تهريبها إلى دبي داخل حاوية قادمة بحراً من تركيا على أنها شحنة أثاث، وذلك بعد أن اعترضت عراقيل إجرائية خطتهم الأصلية التي هدفت إلى تهريب الأسلحة إلى إحدى الدول الخليجية أولاً، ومن ثم إعادة شحنها إلى اليمن، وأجبرتهم بعض الظروف غير المهيئة لتلك الدولة الخليجية على تغيير خط سير الشحنة والاتيان بها إلى ميناء جبل علي بدبي .
تقدير
ونوه القائد العام لشرطة دبي خلال مؤتمر صحافي عالمي دعيت اليه وسائل الإعلام المحلية والاقليمية والعالمية بتنسيق مع مكتب دبي الإعلامي، بالدور الكبير الذي قامت به الإدارة العامة لأمن الدولة في هذه القضية الخطيرة، مؤكداً أن عين الأمن الساهرة لم ولن تغفل أبداً في يوم من الأيام عن أداء واجبها في تعقب كل من تسول له نفسه محاولة خرق النظام أو اقتراف أي فعل يعاقب عليه القانون .
وأكد أن جهاز الأمن يقف بالمرصاد لكل من يحاول أن يقحم الوطن في مخططاته الإجرامية من قريب أو بعيد، حيث تبقى دائماً دولة الإمارات العربية المتحدة حصناً حصيناً للأمن والأمان وحائط صد منيعاً في وجه كل خارج عن القانون بفضل العين الساهرة لرجال الأمن المخلصين .
وقال القائد العام لشرطة دبي، إن رجال الشرطة يوجهون يوماً تلو الآخر ضربات حاسمة وموجعة إلى جسد الجريمة على اختلاف أشكالها وأحجامها، وإنهم أصبحوا يتمتعون بسمعة مشرفة تدعو إلى الفخر بين أكثر أجهزة الأمن في العالم كفاءة واقتداراً، موجهاً تحية إعزاز وتقدير إلى كل من شارك في كشف اللثام عن هذه الجريمة النكراء، وإحباط محاولة التهريب الآثمة بما لها من خطورة حقيقية كتهديد مباشر لأمن واستقرار دولة عربية شقيقة، لاسيما في ظل الأوضاع المضطربة التي تمر بها جمهورية اليمن هذه الأيام .
تحذير
وحذّر الفريق ضاحي تميم كل من تسول له نفسه محاولة خداع المنظومة الأمنية الإماراتية، وقال إنه على كل مجرم آثم يتخيل أن بإمكانه تفادي يد العدالة في دولة الإمارات أن يعيد التفكير مراراً وتكراراً قبل أن يفكر في الإقدام على أي عمل يعاقب عليه القانون، مؤكداً أن الكفاءة المهنية الرفيعة التي يتمتع بها كادر شرطة دبي أصبحت تشكل رادعاً حقيقياً للعناصر المنحرفة، ودرعاً صلدة تحمي الوطن من الشطحات الإجرامية مهما كان حجمها أو خطورتها .
حاوية أثاث
ووفقاً للفريق ضاحي خلفان تميم تعود بداية تفاصيل قضية الضبط إلى ورود معلومات إلى الإدارة العامة لأمن الدولة تفيد بدخول شحنة من الأسلحة النارية إلى إمارة دبي، حيث تم على الفور القيام باللازم وتشكيل فريق عمل للبحث والتحري للتأكد من صحة المعلومات الواردة حول تلك الشحنة ومكان وجودها والأسلوب الذي تمكنت من خلاله التسلل إلى داخل البلاد .
وأشار إلى أن هذه الجهود أسفرت عن تأكيد صحة المعلومات والتوصل إلى مكان وجود الشحنة التي تم إخفاؤها في أحد المستودعات الكائنة في دبي، حيث بادرت أجهزة الأمن إلى وضع خطة عمل متكاملة لضبط الشحنة وكشف كافة عناصر الشبكة المتورطة في تهريبها، مع مراعاة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة كافة، وذلك بالتنسيق مع النيابة العامة .
واكد انه تم ضبط الحاوية محل الاشتباه وفتحها وتفتيش محتوياتها في وجود رئيس النيابة العامة، حيث تبين أن الشحنة الموجودة داخل الحاوية تتكون من مجموعة من الصناديق المغلفة بأكياس بلاستيكية بيضاء اللون، وبمعاينتها اتضح أنها تحوي كمية من الأثاث استخدمت لإخفاء الأسلحة النارية المهربة، حيث إن الجناة قاموا بإخفاء صناديق الأسلحة في وسط الحاوية وتعمدوا إحاطتها بصناديق الأثاث للتمويه وتضليل الأجهزة الأمنية والرقابية عند منافذ العبور، مضيفاً أنه بفرز الشحنة المهربة تبين أنها تحتوي على كمية ضخمة من الأسلحة النارية بلغ مجموعها ما يقارب ستة عشر ألف سلاح ناري خفيف، عبارة عن مسدسات متنوعة الأشكال والأحجام ذات عيارات مختلفة بالإضافة إلى مخازن طلقات إضافية للأسلحة المهربة ومعداتها .
وقد أسفرت عملية البحث والتحري عن معلومات مهمة، حيث اتضح من خلال مراجعة بيانات الشحنة وخط سيرها أن الأسلحة المهربة قدمت إلى دبي من تركيا عن طريق البحر بوساطة شركة شحن، مروراً بميناء بور سعيد بجمهورية مصر العربية، ومنها إلى أحد المنافذ البحرية في دبي .
وأضاف أن أجهزة الأمن في دبي تمكنت من تحديد هوية مجموعة من الأشخاص من داخل الدولة، دلت التحريات على تورطهم في محاولة التهريب المحبطة، وهم من الجنسية العربية، حيث تم إلقاء القبض عليهم، ومواجهتهم بالمعلومات التي أسفرت عنها التحريات والتي أوضحت دور أولئك الأشخاص المتمثل في تسلم الشحنة وتخليص إجراءاتها الجمركية ومن ثم تخزينها في المستودع الذي ضبطت فيه الحاوية .
وقال إنه مع مواصلة البحث والتحري، تمكن الفريق الأمني من تحديد بقية العناصر الإجرامية المتورطة في القضية، والقبض على الشخص الذي قام بتهريب الشحنة إلى دبي .
وكشفت التحقيقات أن شحنة السلاح كانت موجهة في الأساس إلى إحدى الدول الخليجية بهدف تهريبها من هناك إلى اليمن، إلا أن الشحنة لم يكتب لها الوصول إلى الميناء المنشود نتيجة لأسباب إجرائية، حيث لم يتوافر الخط الملاحي المباشر الذي يسمح بذلك، ما أجبر المتورطين في عملية التهريب إلى اللجوء إلى خطة بديلة بإدخال الشحنة إلى الأراضي الإماراتية ليعاد شحنها بعد ذلك إلى الميناء المستهدف، وصولاً إلى الجهة المقصودة في المحطة الأخيرة للشحنة في اليمن .
وأشار الفريق ضاحي خلفان إلى أنه وفقاً لنتائج التحقيقات، فإن الأسلحة المضبوطة تم تصنيعها في أحد المصانع في تركيا العائد لشخص يدعى “عرفان”، حيث قضت الخطة بأن يتولى شخص يُدعى “فائق” شحن الأسلحة بطريقته الخاصة من تركيا إلى إحدى الدول الخليجية مستعيناً بأشخاص آخرين، ومن ثم تهريبها إلى اليمن، حيث كان من المفترض أن يتسلمها هناك صاحب الشحنة المدعو “حميد” الذي طلب تغيير ميناء الوصول، ما اضطرهم إلى تغيير بوليصة الشحن لإدخال الحاوية إلى دبي، حيث عاونهم في ذلك شخص عربي الجنسية بهدف إعادة شحنها إلى الدولة الخليجية ومن ثم تهريبها لجمهورية اليمن .
وقال الفريق تميم إنه في ضوء ما قدمته التحقيقات من معلومات، قامت قوات الأمن في دبي بإعداد كمين محكم للمدعو “فائق” والقبض عليه أثناء محاولته إعادة شحن الأسلحة المهربة من دبي إلى خارج الدولة، محبطة بذلك المخطط الإجرامي الآثم الذي مُني بالفشل .
وقد باشرت شرطة دبي الاتصال والتنسيق مع الجانب التركي في ما يتعلق بهذه الشحنة والجهة التي تقف وراءها، كما أن الاتصالات جرت بالوتيرة نفسها، مع الجانب المصري وإحدى الدول الخليجية المعنية بالإضافة إلى الجمهورية اليمنية لاستكمال إجراءات المتابعة والتنسيق .
لا نسمح بالإساءة لأي دولة ولا تظاهر للجاليات أمام قنصلياتها
رداً على سؤال حول دور أجهزة الأمن تجاه جاليات الدول العربية على أرض دبي ومحاولة مشاركتهم بالتظاهر أمام مقار قنصلياتهم في دبي، قال الفريق تميم حرفياً “من يريد أن يتظاهر ويشارك في ما يحدث في بلده فليتوجه إلى المطار ويستقل أي نوع من الطائرات وهناك طائرات ليست كلفتها بالكبيرة ويتوجه لدولته ويشارك”، مؤكداً أن دولة الإمارات لا تقبل ولا تسمح بالإساءة أو التجريح لأي دولة أو أي شخص وبالتالي لا نتمنى من أي شخص أن يجعلنا طرفاً في مشكلته .
وأعرب القائد العام لشرطة دبي عن أمنيته أن تكون هناك نتائج أفضل في العديد من البلدان وأن يعمها الأمن والاستقرار .
التشدد في تفتيش الحاويات
ناشد القائد العام لشرطة دبي رجال الجمارك على مستوى الدولة بتكثيف التدقيق في الحاويات، خاصة تلك التي تأتي من دول فيها اضطرابات، لافتاً إلى أن عالم الحاويات معقد وصعب، ولكن لنعمل جميعاً بجهود مكثفة من اجل احباط مثل هذه العمليات التي ينشط خلالها تجار الأسلحة والمهربون لكافة انواع الممنوعات .
الشحنة
ضمت الشحنة أسلحة نصف آلية عيار 9 مم نسخة مقلدة من سلاح والتر موديل بي ،99 وأسلحة نصف آلية عيار 35 .6 نسخة مقلدة من سلاح تانفوجليو موديل جي تي ،27 وأسلحة نصف آلية عيار 65 .7 ملم نسخة مقلدة من تانفوجليو مختلطة بين اف تي ،7 جي تي ،28 وسلاح نصف آلي عيار 65 .7 ملم نسخة من تانفيجليو موديل 28 .
أسلحة اغتيالات
أبدى الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي، دهشته من أن هناك شعباً يشكو من الفقر والعوز والحاجة، ويظهر على وسائل الإعلام يشكو من حاجته إلى رغيف الخبز ويقوم أحد أفراد هذا الشعب بشراء مثل هذه الكميات من الأسلحة بكل هذه الأموال .
وأعرب الفريق تميم عن تمنياته أن تنعم اليمن بالأمن والسلامة، مؤكداً أن الأسلحة المضبوطة أسلحة اغتيالات شخصية .
تغير خط السير
نفى الفريق ضاحي خلفان ان تكون المملكة العربية السعودية هي الدولة الخليجية التي كانت مقصودة باستقبال شحنة الأسلحة في البداية، وقال إنها دولة خليجية دون ان يفصح عن اسمها .
وأكد أن الاضطرابات الموجودة في عدد من الدول العربية حالياً تثير شهية تجار الأسلحة، وبالتأكيد السلطات اليمنية ستعرف من خلال المعلومات التي توافرت لها أن تعرف صاحب تلك الشحنة وستعرف هدفه من وراء إدخالها في هذا التوقيت .
الشحنة مقلدة
أكد الفريق ضاحي خلفان انه بفحص الشحنة من قبل مختصين في شرطة دبي تبين أنها مقلدة لأسماء شركات كبيرة، وطبيعي أن مصنعاً يقلد مثل هذه الكميات لا يمكن ان يكون مرخصاً من قبل السلطات التركية .
ولفت إلى أنه إذا تبين أن هذه الشحنة غير صالحة للاستعمال سيتم اتلافها أو أن تأمر المحكمة ببيعها وتخصص الأموال المتحصلة منها لمصلحة المعاقين والايتام .
الحكومات لا تأخذ طرقاً ملتوية في الشحن
رداً على استفسار حول أن تكون الحكومة اليمنية هي من قامت باستيراد تلك الشحنة، قال الفريق ضاحي خلفان إن الحكومات لا يمكن أن تأخذ الطرق الملتوية لشحن الأسلحة، وأكد أنه لا يتهم أية جهة في اليمن، ولكن بالتأكيد الطرف الأقرب في اليمن سوف يُعرف .
