السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ...
هذه هي اول مشاركة لي في المنتدى وهي عبارة عن قصه قصيره للكاتب الاسباني \ البارو دي لاإجلسيا بعنوان
( عقاب الله )
لقد فتحت عيني للتو .
حين رأيت امامي شكل الكرسيين والطاولة المألوفه , رحت اتقافز فرحا وسعادة . لقد قفزت مثل مجنون, الى ان استنفذت قواي وصرت الهث , وتباغتني الان نوبه من الضحك , لا اعرف كم ستدوم .
ابادر الى القول الى انني لست مجنونا , وان كنت ابدو كذلك للوهلة الاولى ,واتفهم ان يفاجأ اي شخص يرى ردود فعلي الصاخبة حيال وقائع عادية وتافهه, مثل فتح جفوني ورؤية بعض قطع الاثاث العادية جدا , ولكني ما ان اوضحت لهذا الشخص اسباب ردة فعلي ,فان المفاجأة ستغمره ليغمى عليه فورا.
ذلك اني قبل ان افتح عيني لم اكن اغمضها لنزوة مني , او لأني كنت نائما, كما انني لم اكن اغمضها بمحض ارادتي .
الواقع ان روحا تقيه هي التي اغمضتها لي , لأني كنت ميتا !!
اجل مثلما اقول كنت ميتا ... ميتا تماما.
لا يمكنني ان احدد الوقت الذي بقيت عليه في تلك الحالة من اللاوعي الموتي , وذلك اني عدت للحياة للتو , ولم التق باحد بعد لأسأله, كما انني لست متعجلا لمعرفة ذلك , المهم هو انني عدت من العالم الآخر , وهأنذا من جديد بين الاحياء .
وفرحتي بالعودة هي التي جعلتني اتقافز واضحك, اذ ليس هناك ماهو اعظم من اثبات ان الوقائع تؤكد صحة نظرياتنا , وانا شخصيا كنت اؤمن طوال حياتي السابقه , ايمانا راسخا بالتقمص ( التناسخ وهو انتقال الروح من شخصية الى اخرى بعد الموت _ الناقل_ ) . فقد كان ذكائي الخارق يرفض النظريات الدينية التي تحاول اخبارنا بما سيحدث لنا في المرحلة التالية للموت .
وكان من يستمعون الي يقولون لي متنبئين _ اذا ما واصلت الكلام هكذا فان الله سيعاقبك اشد عقاب .يالخيبة الامل التي ستصيب أؤلئك الذين حاولوا ارهابي وتخويفي من ذلك العقاب المزعوم, عندما يتأكد لهم انني كنت على صواب !! لأنني كنت مؤمننا على الدوام بان الموت ليس الا حاله انتقالية بين تجسيدين , ولم اكن مخطئا في ذلك .
والدليل هو انني موجودا هنا من جديد , بل وانني اجتزت مرحلة التحول تلك !! ان لحمي الوم مختلف عما كان عليه , ولكن نفحة الحيويه التي تبعث الحياة فيه لاتزال نفسها .ولم يستطع اي إله ان يعاقبني لأنني سخرت منه , او لأنني عرفت مسبقا حقيقة ما سيحدث بعد الموت .
ماذا سيقول اليوم جميع المتطيرين , وكل أؤلئك المتدينات اللواتي كن يستنركرن سخريتي من ملائكتهم وشياطينهم , فهأنذا مرة اخرى بلحمي وعظمي على الكوكب نفسه الذي زالت فيه عني كسوتي اللحمية منذ بعض الوقت ,وانا لم ارى في اي لحضة _ سواء قبل او اثناء اوبعد التحول _ يد اي إله لتمتد لتعاقبني على تنكري .
لقد عدت الى الحياة بالروح نفسها التي كانت لي من قبل , وسوف احيا هذه المرة باستكبار اعظم مما كنت عليه في السابق وباعتداد بالنفس اكبر , لأنني تحققت من صحة نظريتي , ومن انني كنت على صواب , انني لا اعرف بعد المظهر الجسدي الذي سأكون عليه في هذا التجسيد الجديد , ولكني بالنظر الى الكبرياء التي اشعر بها , احس بأنني سأكون في هذه المرة اكثر وسامه وقوه مما كنت عليه في حياتي السابقه بين الاحياء .
وقد يكون من نصيبي فيما يبدو ان ابعث الى الحياة الجديدة في بيت شبيه بذلك الذي غادرته عند موتي , فالكراسي والطاوله التي تراها عيناي في هذه اللحضه , هي بيضاء اللون وتكاد تشبه تلك التي كانت في مطبخ بيتي السابق , اما الغرفه بالمقابل فتبدو لي واسعه جدا , لا ريب ان السبب في ذلك يعود الى خلل بصري طبيعي في سن الطفوله , فحين نكون صغارا تبدو لنا الاشياء التي نراها اضخم بكثير مما هي عليه في الحقيقه, ولا بد انني لا ازال صغيرا جدا , لأنني ولدت للتو .
من المؤكد انني عندما اكبر في هذه الحياة الجديدة , ساكون شخصا ذا اهمية اكبر بكثير مما كنت عليه في حياتي السابقه , ذلك انني امتلك منذ ولادتي نضجا ذهنيا كاملا .
أليس هذا دليلا حاسما على ان الايمان بالآلهه ليس سوى اسطورة تتقبلها العقول المتخلفة وحدها ؟؟ فلو ان هنا آلهه حقا لما كنت انا على هذه الدنيا من جديد , مزودا بموهبه مبكرة خارقه , ولكنت اعاني واحده من تلك العقوبات التي يتوعدنا بها رجال الدين .
يا له من امر مضحك !! افكر بكل أؤلئك المشعوذين الذين يؤمنون بكل تلك الخرافات وتغالبني رغبه بالانفجار بقهقه لا نهائية , ولسعادتي ببدء مرحلة جديده من حياتي ,
اقول لنفسي : هأنتذا هنا من جديد مثلما توقعت بذكائك الخارق , فقد اصبت حين آمنت بانه لس هناك ما يفنى , فكل ما يحدث هو تحول وحسب , هأنتذا من جديد بعينين مفتوحتين تتأمل هذا العالم المحيط بك والذي يبدو مألوفا .
واجول بنظري سعيدا بكل ما يحيط بي _ الكراسي , الطاوله....... هناك في الغرفه نافذه كبيرة ايضا اتفحصها بتمعن , وهناك باب .
وعندما ادير عيني نحو الباب ارى اكرته تدور , ويبدا بالانفتاح بما يسمح لمرور شخص , تدخل منه امرأه , انها امرأه مربوعه ضخمه وعاديه , يبدو انها الطاهيه , ولكنني افكر في انها قد تكون مرضعتي واتذكر ان الابوين اللذين كانا لي في حياتي السابقه تعاقدا كذلك مع امرأه ضخمه لتتولى تربيتي .
واستنتج بالتالي بانها ليس طاهيه , وانما هي مربيتي , ابقى دون حراك اراقبها بفضول , وادرك بذكائي الخارق انها ستتجه نحوي لتلاطفني وتدللني , اليس هذا ما تفعله كل المرضعات عادة؟؟ وانتظر باسما حدوث ذلك , متفاخرا باني تكهنت بالامر قبل حدوثه .
تتجه المرأه بالفعل الى المكان الذي اشغله في الغرفه , ولكنها حين تراني , وبدلا من الملاطفات المتوقعه , ترتسم على وجهها تكشيرة استياء!! .
تصرخ المرأة وهي تنظر الى باشمئزاز _ ياللمطبخ المقرف , وتضيف _ انه صرصار آخر .
تتملكني الحيرة حين اسمع ذلك , فأبقى ساكنا دون حراك , بينما ترفع الطاهيه قدمها الضخمه فوقي وعندما استعيد قدرتي على الحركه من هول المفاجأه , اركض بكل ما تتيحه لي قوائمي لأختبئ في جحر في اسفل الجدار , ولكن بعد فوات الاوان فالحذاء الضخم يهوي على جسدي ويبدأ بسحقي .
اتمنى ان تنال القصه على اعجابكم وعلى حسب ردودكم سوف اعرف مدى تقبلها
تقبلوا فائق احترامي وتذكروا بانه ( هنالك دائما مكان في القمه ) اخوكم نصر